
حجة الله البالغة - الشاه ولي الله الدهلوي. ترجمته: شاه ولي الله الدهلوي.. باعث السُّنة في الهند. ولد الشيخ العلامة أحمد بن عبد الحليم في دهلي بالهند في (14 من شوال 1114 هـ= 2 من مارس 1703م) ونشأ في بيت علم وصلاح؛ فأبوه كان عالما كبيرا، اشترك في مراجعة الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي التي أشرف على إخراجها السلطان أورنجزيب أحد سلاطين الدولة التيمورية. فحفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، وانصرف إلى دراسة اللغتين الفارسية والعربية، وتلقى علوم القرآن والحديث والفقه على المذهب الحنفي على أكابر علماء الهند، كما درس الطب والحكمة، والمنطق الفلسفة، ومال إلى الزهد والتصوف في هذه الفترة المبكرة، وأمدته هذه الروح الشفافة بطاقة هائلة، وإقبال على العبادة والطاعات، ونزع الله من قلبه حب الدنيا وزينتها؛ فالتفت القلوب حوله وأطلق عليه الناس "شاه ولي الله"؛ أي ولي الله الكبير.وبعد وفاة والده في سنة (1131 هـ= 1719م) جلس للتدريس، وهو في هذه السن المبكرة يشفع له نبوغه وتمكنه من العلوم الشرعية، فأقبل عليه طلاب العلم يتلقون على يديه الفقه والحديث، وبعد أن أمضى اثني عشر عاما رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وبعد أن قضى مناسكها، لازم الحرم المكي وجاور هناك، والتقى بشيوخ مكة وفقهائها ومحدثيها؛ فروى عنهم وتتلمذ على أيديهم، وأجازوه براوية الحديث، ثم عاد إلى بلده في أوائل سنة (1145 هـ= 1722م) ليستأنف حياة الدرس والتعليم.اتخذ الدهلوي من بيته مكانا لاستقبال طلابه والتدريس فيه، فلما ضاق عليه لكثرة الطلاب الذين يفدون عليه، بنى له السلطان محمد شاه مدرسة كبيرة، وافتتحها بنفسه، واشتهرت باسم "دار العلوم"، تخرج فيها أعداد كبيرة من العلماء ممن حملوا علم الشيخ، ونشروه بين الناس.دعا الشيخ إلى التصوف السني القائم على الاعتقاد والعمل بما جاء في الكتاب والسنة، وجرى عليها جمهور الصحابة والتابعين، وقام بتنقية التصوف من الشوائب، التي لحقت به من الفلسفات غير الإسلامية، وإبراز الجانب الإسلامي فيه. وقد أثرت جهود الشيخ الإصلاحية في تلامذته، وعلى رأسهم ابنه الشاه عبد العزيز، الذي كان كوالده نابغًا في الحديث والفقه، فحمل راية أبيه بعد وفاته، ووقف للإنجليز حين أخذوا يستبدون بالأمر، ويقلصون سلطات الحاكم المسلم، وأطلق الكلمة المأثورة: "إنه لا يُتصوَّر وجود ملك مسلم بدون نفوذ، إلا إذا تصورنا الشمس بدون ضوء!"، وهو صاحب الفتوى الشهيرة بأن الهند أصبحت دار حرب لا دار إسلام، وعلى المسلمين أن يهبوا جميعا للجهاد بعد أن أصبح إمام المسلمين لا حول له ولا قوة، ولا تنفذ أحكامه، والحل والعقد صار بيد الإنجليز المسيحيين.. يعينون الموظفين، ويدفعون الرواتب، ويشرفون على القضاء وتنفيذ الأحكام.وكان لصيحات مدرسة "شاه ولى الله الدهلوي" أثر؛ حيث قاد العلماء الجهاد، وخاضوا غمار الحروب والمعارك لإنقاذ المسلمين من الإنجليز، ومن السيخ الذين لقوا دعمًا من المحتلين، ومن أبرز هؤلاء العلماء أحمد عرفان الشهيد الذي تتلمذ على الشاه عبد العزيز الدهلوي وأخيه عبد القادر ابني ولي الله الدهلوي، وسبق أن تناولنا حياته في (6 من صفر .فترك ذرية طيبة، حملوا العلم، وقادوا الجهاد، وتتلمذ عليه مئات من التلاميذ في الحديث؛ فأحيوا السنة بعد أن كادت تموت في الهند، وكان من أشهر تلاميذه الزبيدي صاحب "تاج العروس"، المتوفى سنة (1205 هـ.. ورزقه الله سعة في الوقت؛ فترك مؤلفات عظيمة بلغت أكثر من 50 كتابًا، من أشهرها: "حجة الله البالغة في أسرار الحديث وحكم التشريع"، الإنصاف في بيان سبب الاختلاف""عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد"، الفوز الكبير في أصول التفسير"، و"شرح تراجم أبواب البخاري". وترجم القرآن إلى الفارسية بعنوان "فتح الرحمن في ترجمة القرآن". وبعد حياة حافلة بجلائل الأعمال تُوفِّي الشيخ في (26 من المحرم 1176هـ.
تواصل معنا
le manuel du résident ORL
Contact Us
مداخل الشيطان إلى الإنسان