حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - الإمام ابن قيم الجوزية-ابن القيم فهو الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي إمام الجوزية وابن قيمها، قال عنه ابن كثير رحمه الله: ولد في سنة إحدى وتسعين وستمائة فسمع الحديث من الشهاب النابلسي , والقاضي تقي الدين بن سليمان , وأبي بكر بن عبدالدائم , وعيسى المطعم , وإسماعيل بن مكتوم , وفاطمة بنت جوهر وغيرهم . واشتغل بالعلم وبرع في علوم متعددة لا سيما علم التفسير والحديث وتلقى الأصول والفقه على الشيخ صفي الدين الهندي , والشيخ اسماعيل بن محمد الحراني , فقرأ عليه (الروضة ) لابن قدامة ,و(الأحكام ) للآمدي و (المحصل ) و (الأربعين ) للرازي , و(المحرر) لابن تيمية الجد . ولما عاد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الديار المصرية في سنة ثنتي عشرة وسبعمائة لازمه إلى أن مات الشيخ فأخذ عنه علماً جما مع ما سلف له من الاشتغال فصار فريداً في بابه في فنون كثيرة مع كثرة الطلب ليلاً ونهاراً وكثرة الابتهال وكان حسن القراءة والخلق كثير التودد لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يستعيبه ولا يحقد على أحد وكنت من أصحب الناس له وأحب الناس إليه ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جداً ويمد ركوعها وسجودها ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله وله من التصانيف العديدة- منها زاد المعاد و إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان و الوابل الصيب من الكلم الطيب و غيرها كثير وتوفي سنة 751 هـ.

About the Book

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح  – الإمام ابن قيم الجوزي

للتصفح إضغط على…

   رابط المجلد

    المقدمة….

كتاب” حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ” للامام ابن القيم الجوزى , يأخذ المؤلف من خلاله القارئ فى رحلة حقيقية إلى الجنة , عبر الأحاديث الطويلة التى يرويها في وصف الجنة و ما فيها.

يقول ابن القيم”…سميته حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح فإنه اسم يطابق مسماه ولفظ يوافق معناه والله يعلم ما قصدت وما بجمعه وتأليفه أردت فهو عند لسان كل عبد وقلبه وهو المطلع على نيته وكسبه وكان جل المقصود منه بشارة أهل السنة بما أعد الله لهم في الجنة فإنهم! المستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ونعم الله عليهم باطنة وظاهرة وهم أولياء الرسول وحزبه ومن خرج عن سنته فهم أعداؤه حادي الأرواح الباب التاسع: في ذكر عدد أبواب الجنة
قال الله تعالى {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالدِين}
وقال في صفة النار {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} بغير واو فقالت طائفة هذه واو الثمانية دخلت في أبواب الجنة لكونها ثمانية وأبواب النار سبعة فلم تدخلها الواو
وهذا قول ضعيف لا دليل عليه ولا تعرفه العرب ولا أئمة العربية وإنما هو من استنباط بعض المتأخرين
وقالت طائفة أخرى الواو زائدة والجواب الفعل الذي بعدها كما هو في الآية الثانية وهذا أيضا ضعيف فإن زيادة الواو غير معروف في كلامهم ولا يليق بأفصح الكلام أن يكون فيه حرف زائد لغير معنى ولا فائدة
وقالت طائفة ثالثة الجواب محذوف وقوله “وفتحت أبوابها” عطف على قوله جاؤها وهذا اختيار أبي عبيدة والمبرد والزجاج وغيرهم
قال المبرد:” وحذف الجواب أبلغ عند أهل العلم”
قال أبو الفتح بن جني:” وأصحابنا يدفعون زيادة الواو ولا يجيزونه ويرون أن الجواب محذوف للعلم بهبقي أن يقال فما السر في حذف الجواب في آية أهل الجنة وذكره في آية أهل النار فيقال هذا أبلغ في الموضعين فإن الملائكة تسوق أهل النار إليها وأبوابها مغلقة حتى إذا وصلوا إليها فتحت في وجوههم ففجأهم العذاب بغتة فحين انتهوا إليها فتحت أبوابها بلا مهلة فإن هذا شأن الجزاء المرتب على الشرط أن يكون عقيبه فإنها دار الإهانة والخزي فلم يستأذن لهم في دخولها ويطلب إلى خزنتها أن يمكنوهم من الدخول وأما الجنة فإنها دار الله ودار كرامته ومحل خواصه وأوليائه فإذا انتهوا إليها صادفوا أبوابها مغلقة فيرغبون إلى صاحبها ومالكها أن يفتحها لهم ويستشفعون إليه بأولي العزم من رسله وكلهم يتأخر عن ذلك حتى تقع الدلالة على خاتمهم وسيدهم وأفضلهم فيقول:” أنا لها” فيأتي إلى تحت العرش ويخر ساجدا لربه فيدعه ما شاء الله أن يدعه ثم يأذن له في رفع رأسه وأن يسأل حاجته فيشفع إليه سبحانه في فتح أبوابها فيشفعه ويفتحها تعظيما لخطرها وإظهارا لمنزلة رسوله وكرامته عليه
وإن مثل هذه الدار هي دار ملك الملوك ورب العالمين إنما يدخل إليها بعد تلك الأهوال العظيمة التي أولها من حين عقل العبد في هذه الدار إلى أن انتهى إليها وما ركبه من الأطباق طبقا بعد طبق وقاساه من الشدائد شدة بعد شدة حتى أذن الله تعالى لخاتم أنبيائه ورسله وأحب خلقه إليه أن يشفع إليه في فتحها لهم
وهذا أبلغ وأعظم في تمام النعمة وحصول الفرح والسرور مما يقدر عليه بخلاف ذلك ولئلا يتوهم الجأهل أنها بمنزلة الخان الذي يدخله من شاء فجنة الله عالية غالية بين الناس وبينها من العقبات والمفاوز والأخطار مالا تنال إلا به فما لمن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ولهذه الدار فليعد عنها إلى ما هو أولى به وقد خلق له وهيئ له
وتأمل ما في سوق الفريقين إلى الدارين زمرا من فرحة هؤلاء بإخوانهم وسيرهم معهم كل زمرة على حده كل مشتركين في عمل متصاحبين فيه على زمرتهم وجماعتهم مستبشرين أقوياء القلوب كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير كذلك يؤنس بعضهم بعضا ويفرح بعضهم ببعض
وكذلك أصحاب الدار الأخرى يساقون إليها زمرا يلعن بعضهم بعضا ويتأذى بعضهم ببعض وذلك أبلغ في الخزي والفضيحة والهتيكة من أن يساقوا واحدا واحدا فلا تهمل تدبر قوله:”زمرا”